“لا توجد كلمات كافية تصف تأثير استوبا على حياتي”
تبدأ سيجي سيلر، مربية الخيل المعروفة على المستوى الدولي ومؤسسة المربط الشهير أم العرب، حديثها عن فرسها الأثيرة بهذة العبارة الوافية، فالفرس أستوبا، ارتبطت بتاريخ هذا المربط الشهير منذ اليوم الأول، ومنها ومن سلالتها المتفوقة صُنعت شهرة هذا المربط وصاحبته.

estopa
ولا يتقصر هذا الشعور نحو استوبا على مربيتها فقط، بل يشاركها به العديد من المربين والمهتمين بالخيل العربية حول العالم، فالفرس التي اختيرت كواحدة من أكثر عشرة أفراس تأثيرا في صناعة الخيل العربية خلال هذا القرن، تركت بصمتها في نفوس مربين وبرامج انتاج عديدة حول العالم.
بدأت قصة استوبا حينما عثرت عليها سيجي خلال رحلة لأسبانيا كانت قد قامت بها بغرض شراء بعض الخيول لبدء برنامج انتاجها الخاص، فالخيول العربية الأصيلة في بلدها الأصلي ألمانيا، كانت قليلة ومرتفعة الثمن مما دفعها لأستطلاع امكانية استيراد بعض الخيول من الخارج وأسبانيا بشكل خاص.
فأسبانيا كانت تعاني من آثار الحرب الأهلية المدمرة التي قضت على سجلات و وثائق الانتاج الخاصة بالخيول، مما أدى لتأخر إعتراف منظمة الجواد العربي العالمية بالخيول المنتجة في إسبانيا، وبالتالي قام المربون حول العالم بتجنب المغامرة بإدخال جياد غير معترف بها في برامج انتاجهم مما شكل فرصة للحصول على جياد مميزة بأسعار مقبولة.
بالرغم من ان الفرس كانت في حال سيئة، حيث كانت مصابة بالهزال وتغطيها القذارة والخدوش، إلا انها خطفت قلب وعقل سيجي من النظرة الأولى، حيث لم يثنيها تعنت مالكها ومطالباته المبالغ بها عن اتمام الصفقة وشراءها.
بعد انتقال استوبا الى مربط أوم العرب، شكلت أساس برنامجهم الانتاجي، حيث انضم لها الفحل شاكر المصري ابن الفحل الشهر مرافق الذي قام المربط بإستيراده من مصر مع عدد من الأفراس، إلا ان ايا منها لم تنجح في ازاحة استوبا من مكانتها كفرس الإنتاج الرئيسية للمربط. مع شاكر المصري، انتجت استوبا بعض اكثر مهرات وأمهار المربط تميزا وتأثيرا مثل استاشا و استوا، ومن هذة العلاقة نشأ ما يعرف بالقولدن كروس او المزيج الذهبي، وهو تزاوج فحل عربي اصيل من السلالة المصرية و فرس من الدماء الأسبانية لينتج خيول تتميز بتناسق وصغر الحجم مع رؤس مذهلة وعيون سوداء واسعة.
جاءت المصادقة على جمال استوبا وانتاجها المميز خلال بطولة العالم بباريس سنة 1976 حيث فازت بلقب البطولة وحققت اثنتان من المهرات من انتاجها مراكز اخرى متقدمة مما لفت نظر المربين لها ولقدرتها على انتاج سلالة مميزة.
الا ان الفرس الشهيرة اصيبت ببعض الامراض وظهر عليها الخمول والارهاق وتوقفت عن الانتاج لعدد من السنوات نتيجة لعدم ملاءمة الطقس في ألمانيا الباردة لموطنها الأصلي في اسبانيا مما دفع سيجي لنقل المزرعة بكاملها لمكان أكثر ملاءمة لها في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية وهناك تعافت مما أصابها وعادت لتساهم بشكل فعال في انتاجات مميزة لمربط أم العرب مثل الفحل الشهير الشكلان، واحد من أكثر فحول السلالة المصرية تأثيرا وجمالا.
استمرت استوبا كأيقونة لمربط أم العرب تحاط بما تستحق من عناية واهتمام فائقين الى حين وفاتها سنة 1993 عن عمر يناهز 32 عام عاشتها كواحدة من أهم وأكثر الأفراس تأثيرا على صناعة الخيل العربية الأصيلة في اوروبا والعالم.